بسم الله والصلاة والسلام على خير خلق الله محمد بن عبدالله وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.
فتوجيه الكلام كان من الأولى لمن لا يقيمون صلاة الجماعة وحثهم عليها، بينما أصبح من الضرورة توجيه الكلام لرواد الجماعات والمساجد وحثهم على حضورها في وقتها.
فمن نرجو أن يكون مثالا لغيره بملبسه ومظهره نريده في أوائل الصفوف لا أن نراه قد أتى والإمام ينهي الصلاة أو على وشك.
عباد الله دقائق قليلات تحوي أجور عظيمات فلا تضيعوها ولا تعطوا للشيطان بابا ليسوق لكم الحجج والاعتذارات.
فإن وضعت ضمن اهتمامك ترديد الأذان خلف المؤذن وصلاة تحية المسجد وفضلها وصلاة ما بين الأذان والإقامة وفضلها، والدعاء بين الأذان والإقامة وفضله لما تركت التبكير إلى الصلوات أبدا، أسأل الله أن أكون أنا وإيّاك منهم.
حكى سعيد بن المسيب عن نفسه أنّه ما أذن المؤذن أربعين سنة إلاّ وهو في المسجد!!
أربعون سنة فما بالنا نحن وما همتنا وكم نستطيع تعاهد هذه العبادة!؟.
لنسترجع ونسرد معا بعد فضائل التبكير والأجور المتحصلة بالتزامه إن شاء الله لعل في تعديدها رفع للهمم وتحفيز للنفس:
1- في التبكير استعداد نفسي لاستقبال الصلاة وسماع الأذان وبالتالي الخشوع فيها.
2- في التبكير للصلاة وفي المكث في المسجد في انتظار الأذان أجر كأجر الصلاة، فمن كان في انتظار الصلاة فهو في صلاة.
«لا يزال العبد في صلاة ما كان في مصلاه ينتظر الصلاة، وتقول الملائكة: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه حتى ينصرف أو يحدث قلت: ما يحدث؟ قال: يفسو أو يضرط» [الراوي: أبو هريرة - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: مسلم - المصدر: المسند الصحيح - الصفحة أو الرقم: 649].
3- انتظار الصلاة كالرباط وفيها رفعة للدرجات ومحو للخطايا فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟ قالوا: بلى يا رسول الله! قال: إسباغ الوضوء على المكاره. وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط». وليس في حديث شعبة ذكر الرباط. وفي حديث مالك ثنتين «فذلكم الرباط، فذلكم الرباط» [الراوي: أبو هريرة - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: مسلم - المصدر: المسند الصحيح - الصفحة أو الرقم: 251].
4- انتظار الصلاة سبب لصلاة الملائكة على العبد والترحم عليه، كما أنّ التبكير من أسباب إدارك الجماعة وما لها من فضل عظيم.
«صلاة الرجل في الجماعة تضعف على صلاته في بيته، وفي سوقه خمسة وعشرين ضعفا، وذلك أنّه: إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه إلاّ الصلاة، لم يخط خطوة إلاّ رفعت له بها درجة، وحط عنه بها خطيئة، فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلي عليه ما دام في مصلاه: اللهم صل عليه، اللهم ارحمه، ولا يزال أحدكم في صلاة ما انتظر الصلاة» [الراوي: أبو هريرة - خلاصة الدرجة: [صحيح] - المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 647].
5- أنّ التبكير أدعى لترديد الأذان خلف المؤذن بخشوع واستحضار القلب،فعن معاوية أنّه سمع المؤذن قال: "الله أكبر الله أكبر قال: الله أكبر الله أكبر، فساق ألفاظ الأذان كلها والحوقلة في جواب الحيعلتين، ثم قال: هكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم". [الراوي: معاوية بن أبي سفيان - خلاصة الدرجة: حسن من هذا الوجه وأصل الحديث في البخاري - المحدث: ابن حجر العسقلاني - المصدر: نتائج الأفكار - الصفحة أو الرقم: 1/351].
6 – في التبكير وإدراك الأذان فسحة للمصلي ليردد ما بعد الأذان من مأثورات وإدراك فضائلها كما قال صلى الله عليه وسلم: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي، فإنّه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا، ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلاّ لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة» [الراوي: عبدالله بن عمرو بن العاص - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: مسلم - المصدر: المسند الصحيح - الصفحة أو الرقم: 384].
7- أنّ في التبكير إدارك للدعاء بين الأذان والإقامة وما له من فضل كما ورد في الحديث:«الدعاء لا يرد بين الأذان و الإقامة» [الراوي: أنس بن مالك - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: الألباني - المصدر: إرواء الغليل - الصفحة أو الرقم: 244].
8- في التبكير فسحة لسنة صلاة ركعتين بين الأذان والإقامة فقد ورد في الحديث: «بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة. ثم قال في الثالثة: لمن شاء» [الراوي: عبدالله بن مغفل المزني - خلاصة الدرجة: [صحيح] - المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 627].
9- في التبكير إدارك للصف الأول وبالتالي الفوز بفضله وقد ورد فيه: «لو يعلم النّاس ما في النداء والصف الأول، ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا، ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه، ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوا» [الراوي: أبو هريرة - خلاصة الدرجة: [صحيح] - المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 2689]
10 - في التبكير إدارك لتكبيرة الإحرام التي من لزمها أربعون يوما كتب له براءة من النفاق كما ورد في الحديث: «من صلى لله أربعين يوما في جماعه، يدرك التكبيرة الأولى، كتب له براءتان: براءة من النار، و براءة من النفاق» [الراوي: أنس بن مالك - خلاصة الدرجة: حسن - المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 6365].
11- من يدرك الصف الأول يدخل في وصف خيرة الرجال كما ورد في الحديث: «خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها» [الراوي: أبو هريرة - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: مسلم - المصدر: المسند الصحيح - الصفحة أو الرقم: 440].
12 – أنّ في التبكير إدارك لتحية المسجد في خشوع وخضوع كما ورد في الحديث:
«دخلت المسجد فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس وحده فقال: يا أبا ذر إن للمسجد تحية وإن تحيته ركعتان فقم فاركعهما قال: فركعتهما ثم عدت» [الراوي: أبو ذر الغفاري - خلاصة الدرجة: صحيح أو حسن [كما اشترط على نفسه في المقدمة] - المحدث: ابن الملقن - المصدر: تحفة المحتاج - الصفحة أو الرقم: 1/419].
13- التبكير دليل على تعلق القلب بالمساجد وبالتالي الدخول في السبعة الذين يظلهم الله يوم لا ظل إلاّ ظله كما ورد في الحديث: «سبعة يظلهم الله يوم القيامة في ظله يوم لا ظل إلاّ ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل ذكر الله في خلاء ففاضت عيناه، ورجل قلبه معلق في المسجد، ورجلان تحابا في الله، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال إلى نفسها فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما صنعت يمينه» [الراوي: أبو هريرة - خلاصة الدرجة: [صحيح] - المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 6806].
14- في التبكير حضور للقلب ونبذ للدنيا ومدعاة للسكينة والوقار.
15- التبكير يتيح الإتيان بالنوافل المشروعة وخاصة من كان منها سنة راتبة قبلية كما في صلاتي الفجر والظهر.
«أنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يدع أربعا قبل الظهر، وركعتين قبل الغداة» [الراوي: عائشة - خلاصة الدرجة: [صحيح] - المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 1182].
«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سكت المؤذن بالأولى من صلاة الفجر، قام فركع ركعتين خفيفتين قبل صلاة الفجر، بعد أن يستبين الفجر، ثم اضطجع على شقه الأيمن، حتى يأتيه المؤذن للإقامة» [الراوي: عائشة - خلاصة الدرجة: [صحيح] - المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 626].
جعلني الله وإيّاكم من المبكرين المبتدرين المبادرين السباقين السابقين إلى الصلوات والخيرات وممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأطالب نفسي وأطالبكم أن نبدأ من اليوم ونضع نصب أعيننا التبكير إلى الصلوات وابتدارها فالدنيا برمتها زائلة ونحتاج زادا للآخرة فكيف بعمود الدين وعماده.
هذا وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.