( غربـــة )
سكون دامس يجتاح نهاري وليلي .. أستحث خطاي للتسارع .. أقف متلفتاً يميناً .. شمالاً ..
الهدوء يخيم على الجدران .. صرصرة المفتاح في خرم الباب تشعرني بالرهبة والاطمئنان معاً..
أمل يراودني أن أجد خلف الباب ظل حياة ..
سواد قاتم يقطعه صوت ارتطام الباب عند الدخول ..
تعمدت أن أحدث صوتاً تلاشى عبر الهواء الساخن في الغرفة .. أمد يدي ..
أتلمس الضوء .. أريد أن أشعر بالحياة .. جست بنظري كل مكان ..
صوت رفيقي في الحجرة المجاورة يناديني .. تهللت أساريري .. حثثت خطاي نحو الصوت ..
الغرفة مغلقة .. النور مطفأ.. أوهام .. رجعت إلى غيابة نفسي .. أقفلت علي .. ترقرقت دمعة ..
نظرت إلى دورة المياه .. مددت يدي إلى صنبور الماء وفتحته بقوة .. تدفق الماء ..
أحدث سيمفونية رائعة باصطدامه لحواف المغسلة .. تبدد السكون قليلاً .. ارتاحت نفسي مع هذا الزائر الجديد ..
وجدت الأنس .. فتحت باب غرفتي .. شممت رائحة الغربة ..
تسللت يدي إلى كبسة النور .. ضغطت عليها .. أكثر .. أكثر .. الضوء معطل .. وسواد الغربة يقتلني ..
نحـــن دائمــاً سنكــــون ))...
يا حزن في القلب قد ظهر ...
و غضب فيه اشتعل كالنيران التي حرقوا فيها الزيتون
يا أقصى ها قد أبكوك ... ولم تجد حامي يحميك ...
بحجارتنا سندفعهم و بأرواحنا سنفديك ...
يا طيورالفضاء علميهم ما هي الحرية ..!!
يوماً سنعزف لحن النصر أجمل أغنية ...
أرض سقيت و لن تعطش ...
ما دام دمنا هو المـــاء
زرع نبت و لن يقطع ...
ما دمنا نحن الحــراس
أطلبي ... نادينا ... فنحن دائماً سنكون
يا فلسطين ولا أحلى من حلم تحت شجر الزيتون ...
لقد رأيناك خضراء ..
رأينا السلام يعم كل الأرجاء ..
و علمنا أن الحلم لن يطول
استيقظنا .. فلم نشهد سوى حرب و دماء .. !!
دافعنا .. قاتلنا .. فلا تنسي ..
نحن دائماً سنكون
لقد أرهقتنا هذه الوحدة ..
و صار الدفاع عنك أصعب .. فأين قرناء هذا الزمان .. !!
كل من سمع الانين أغلق أذنيه و مضى ..
كل من رآى الدموع أغمض عينيه و جرى ..
و يقولون لا يعلمون .. !!
لم يروا دمنا يسيل ..؟! لم يروا أب أسير ..؟!
لن ننتظر أكثر .. فانتظري .. نحن المحررون
يا أم الأمهات .. يا بطلة الروايات ..
على أبنائكي قد ذرفت الدموع ..
نحن دائماً سنكون لك الدروع ..
بين أحضان الجنين .. كتب اسم فلسطين
و تاريخك لن يسنوا .. ما دمنا المعلمين ..
هل فرقت بين موت او فرقت بين زهور ..؟؟
ما قد خسرت لا أبداً لن يبور ..
و ما قد غطاه التراب نحن له معيدون ..
صــــلاح الديـــن كلن منهم .. نحن له مقلدون
فلسطين ... نحن دائماً سنكون
غريبة في وطني )
أصبحت في وطني كطائر غريب ضل الطريق فحبس في قفص فقيدت حريته .
أصبحت غريبة بل أكثر . فالغريب لو تاه في بلد آخر يجد من أهله المعاملة الحسنة
إذ يتنافس الجميع على إكرامه ومساعدته ليُرشدوه إلى طريقه
أمّا أنا فقد أصبحت غريبة فمع وسع أرض وطني أراه ضيقا .
أهرب من وراء الجبال والتلال إن أردت الانتقال من بلد لآخر . وإذا رآني الأعداء أسجن وألاقي أنواع العذاب أعتبر
مجرمة في نظرهم وجريمتي أنني أسير في ربوع بلادي بغير إذن أو تصريح مسبق فهل هناك أشد من تلك الغربة .
************************
الخاطرة رقم ( 5)
(مع الأمل رغم الألم و إلى الأبد)
ورود الأمل تفتحت
و أشواك الألم اندثرت
بسمة الأمل أشرقت
و دمعة الألم انقرضت
شمعة الأمل نورت
و في الأفق توهجت
نيران الألم انطفأت
و بمياه البحر دفنت
**********
فحياتي...........
سأبنيها مع الأمل
حتى و إن كان فيها الألم
و أشعاري.............
تعزف كلها على أوتار الأمل
لتخفي ..........
بعذوبة ألحانها
حرقة الألم
و بتناسق أنغامها
جروح المحن
و بتلاحم كلماتها
حروف كلمة" الألم"
لتخفي دموعا انهمرت
من العيون و تدفقت
لتخفي آلاما
كان أنين صاحبتها
دموعا فاضت
و لكن بالصمت التزمت
و هكذا............
سأبقى مع الأمل رغم الألم و إلى الأبد............
عندما تتفكر في حال القلوب وأصحابها .. تجدك أمام قلوب في غالبها مريضة ..
بالغدر تارة والطعن من الخلف .. بالهجر تارة والتحجج بحجج واهية ..
تخلص لمن تحب .. يقابلك بكره وغدر ..
تصل من تحب .. يواجهك بقطيعة منكرة ..
لماذا نحن هكذا ؟ متجردون من إنسانيتنا ؟ لماذا تعشعش الخيانة فينا ؟
هل وصلنا إلى مرحلة الدنو من الإنسانية ؟
لا أدري .. ولكن أرى أننا هكذا .. حياتنا كذب ومراء .. ودجل وزيف ..
غدر وخيانة .. هجر وبعد دون أسباب .. فها نحن وصلنا إلى أدنى مراحل الهبوط في إنسانيتنا الكامنة فينا ..
الحب .. ذلك الشيء السحري الفريد .. الذي بتنا نفتقده في أيامنا هذه ..
وأصبحنا نحن لحب دافيء .. لهمسة صادقة .. لكلمة جميلة ..
من دون هذا فحياتنا أشبه بحياة الوحوش .. تقتل ونكيد لبعضنا ونكره بعضنا بعضاً .. وعلى لا شيء !!
فلنعد إلى إنسانيتنا .. إلى الحب المخلص الذي نعيش به .. إلى كل جميل في الدنيا ..
لكي نعيش حياة إنسانية جميلة في دنيا جميلة ..
( رسالة إلى أمي )
سقطت عبرتان من مقلتي وأنا جالسة أمام طاولتي
وأخذتا تلتمعان في ضوء الشمس المتراقص على ستائر غرفتي
أخذت أتأملهما
خيل إلي ان وجه أمي الحبيبة يبدو واضحاً فيهما وهي تبتسم لي ابتسامة حنون
فلم أتمكن من إيقاف نهر سال من عيني وأخذ يصب مائه على الورق أمامي ليعيد لي ذكريات رائعة الجمال
أمسكت قلمي وأخذت أفكر فيما سأكتب إلى أمي الممددة في سرير أبيض محاط بالأطباء والممرضين يحاولون إنعاش الجسد المنهك الذي قضى نصف عمره في تربية أطفاله
وسهر الليالي ليصارع المرض الذي حاول تعذيب أطفاله
فلما يئس من ذلك قرر الانتقام من ذلك الجسد الطاهر وأصابه بعذاب منعه من نوم الليل وعمل النهار
ولا أدري كيف بدأت العبارات تنسج نفسها بنفسها بذاكرتي ثم تدور حول ورقتي فتبدو مرتدية ثوباً خيوطه من العذاب والأنين وألوانه من الألم الدفين الذي يعتصر قلبي فبدأت اكتب:
*****************
أمي الحبيبة..
فاضلتي ..
أيها الطهر المسجى في شراييني وأوردتي
لا تحزني لنحول جسدي ..
ولا تحزني لعبرة حرى تندلق سهواً لتغض الطرف عن كبرياء ابنتك التي أرضعتها مع حليبك المجد والشرف والكرامة
ورسمت لها طريقاً مستقيماً يحفه الشرف وتسكنه العفة والوقار والالتزام بتعاليم الدين الإسلامي الحنيف
أمي لا تحزني فأنا حزينة يا أمي
وأنا حائرة يا امي
وأنا ممزقة يا أمي..
إني أبحث عنك يا امي فلا أراك ..
أتحسس لك في لحظات حرجة فلا أجدك ..
يكاد قلبي يتوقف ولا أجدك بقربي يا أمي..
ولا أجد بقربي سوى جدر بيضاء وقلوب ترتعش وأعين بها شفقة ولهفة وترقب على حرج الموقف وصعوبته على أنفسهم وليس على نفسي
فما زال بينهم وبين ما بي أنهر وجبال...
******************
لم أعد أرى الورقة أمامي من كثرة الدموع
لم أعد أجد من الكلمات ما يعبر عما في داخلي فكفكفت عبراتي وكتبت عبارتين أنهي بهما رسالتي:
((ذاك أمي بعض ما سطرته
بدموعي تسبح الأحرف فيه
أيها الأبناء بئست ليلة
أو نهار تستضام الأم فيه)).